فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الصابوني:

سورة المعارج:
مكية.
وآياتها أربع وأربعون آية.
بين يدي السورة:
* سورة المعارج من السور المكية، التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية، وقد تناولت الحديث عن القيامة وأهوالها، والآخرة وما فيها من سعادة وشقاوة، وراحة ونصب، وعن أحوال المؤمنين والمجرمين، في دار الجزاء والخلود، والمحور الذي تدور عليه السورة الكريمة هو الحديث عن كفار مكة وإنكارهم للبعث والنشور، واستهزاؤهم بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
* ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن طغيان أهل مكة، وعن تمردهم على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستهزائهم بالإنذار والعذاب الذي خوفوا به، وذكرت مثلا لطغيانهم بما طلبه بعض صناديدهم وهو (النضر بن الحارث) حين دعا أن ينزل الله عليه وعلى قومه العذاب العاجل، ليستمتعوا به في الدنيا قبل الآخرة، وذلك مكابرة في الجحود والعناد {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج..} الآيات.
* ثم تناولت الحديث عن المجرمين في ذلك اليوم الفظيع الذي تتفطر فيه السموات، وتتطاير فيه الجبال، فتصير كالصوف الملون ألوانا غريبة {يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تئويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه}.
* ثم استطردت السورة إلى ذكر طبيعة الإنسان، فإنه يجزع عند الشدة، ويبطر عند النعمة فيمنع حق الفقير والمسكين {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا}.
* ثم تحدثت عن المؤمنين، وما اتصفوا به من جلائل الصفات، وفضائل الأخلاق، وبينت ما أعد الله لهم من عظيم الأجر، في جنات الخلد والنعيم {إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} الآيات.
* ثم تناولت الكفرة المستهزئين بالرسول، الطامعين في دخول جنات النعيم {فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم كلا إنا خلقناهم مما يعلمون}.
* وختمت السورة الكريمة بالقسم الجليل برب العالمين، على أن البعث والجزاء حق لا ريب فيه، وعلى أن الله تعالى قادر على أن يخلق خيرا منهم {فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين..} إلى قوله تعالى: {خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون} نهاية السورة الكريمة، وهو ختم يناسب موضوع السورة، في عقاب الكفرة المجرمين، المكذبين بالبعث والنشور. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة المواقع، المعارج 70:
مكية.
وقد ذكر نظيرتها في المدنيين والمكي ولا نظير لها في غيرهما.
وكلمها مائتان وست عشرة كلمة.
وحروفها ثماني مئة وأحد وستون حرفا.
وهي أربعون وثلاث آيات في الشامي وأربع في عدد الباقين.
اختلافها آية {خمسين ألف سنة} لم يعدها الشامي وعدها الباقون.
وليس فيها مما يشبه الفواصل شيء.

.ورءوس الآي:

{واقع}.
1- {دافع}.
2- {المعارج}.
3- {ألف سنة}.
4- {جميلا}.
5- {بعيدا}.
6- {قريبا}.
7- {كالمهل}.
8- {كالعهن}.
9- {حميما}.
10- {ببنيه}.
11- {وأخيه}.
12- {تؤويه}.
13- {ينجيه}.
14- {لظى}.
15- {للشوى}.
16- {وتولى}.
17- {فأوعى}.
18- {هلوعا}.
19- {جزوعا}.
20- {منوعا}.
21- {المصلين}.
22- {دائمون}.
23- {معلوم}.
24- {والمحروم}.
25- {الدين}.
26- {مشفقون}.
27- {مأمون}.
28- {حافظون}.
29- {ملومين}.
30- {العادون}.
31- {راعون}.
32- {قائمون}.
33- {يحافظون}.
34- {مكرمون}.
35- {مهطعين}.
36- {عزين}.
37- {نعيم}.
38- {يعلمون}.
39- {لقادرون}.
40- {بمسبوقين}.
41- {يوعدون}.
42- {يوفضون}.
43- {يوعدون}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة المعارج:
{سأل سائل}: أي دعا داع، من قولك: دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه، كما جاء في قوله: {يدْعُون فِيها بِكُلِّ فاكِهةٍ آمِنِين} {ليس له دافع}: أي إنه واقع لا محالة، و{المعارج}: واحدها معرج، وهو المصعد (أسّنسير) كما قال: {ومعارِج عليْها يظْهرُون} والمراد بها النعم التي تكون درجات متفاضلة، تصل إلى الخلق على مراتب مختلفة، و{الروح}: هو جبريل عليه السلام، والمهل: دردي الزيت، وهو ما يكون في قعر الإناء منه، والعهن: الصوف المصبوغ ألوانا، والحميم: القريب، {يبصرونهم}: أي يبصر الأحماء الأحماء و{يرونهم}، {يود}: أي يتمنى، و{المجرم}: المذنب، و{صاحبته}: زوجته، و{فصيلته}: هي عشيرته، {تؤويه}: أي تضمه ويأوى إليها، {كلّا}: هي كلمة تفيد الزجر عما يطلب، {لظى}: هي النار، و{الشوى}: واحدها شواة، وهى جلدة الرأس تنتزعها النار انتزاعا فتفرقها ثم تعود إلى ما كانت عليه، {تدعو}: أي تجذب وتحضر، {تولى}: أي أعرض عن الطاعة، جمع فأوعى: أي جمع المال فجعله في وعاء.
الهلع: سرعة الحزن عند مسّ المكروه، وسرعة المنع عند مسّ الخير، من قولهم: ناقة هلوع: إذا كانت سريعة السير. وسأل محمد بن طاهر ثعلبا عن الهلع فقال: قد فسره اللّه، ولا يكون تفسير أبين من تفسيره سبحانه- يعنى قوله: {إِذا مسّهُ} الآية. والجزع: حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده ويقطعه عنه، و{الخير}: المال والغنى، {حق معلوم}: أي نصيب معين يوجبونه على أنفسهم تقرّبا إلى اللّه وإشفاقا على المحتاجين، {المحروم}: الفقير الذي لا يسأل الناس فيظن أنه غنىّ، {يصدقون بيوم الدين}: أي يصدقون به تصديقا يكون له الأثر في نفوسهم، فيسخرونها ويسخرون أموالهم في طاعة اللّه ومنفعة الناس، {مشفقون}: أي خائفون، {حافظون}: أي كافّون لها عن الحرام، {راعون}: أي لا يخلّون بشيء من حقوقها قِبلك: أي في الجهة التي تليك، {مهطعين}: أي مسرعين نحوك، مادّي أعناقهم إليك، مقبلين بأبصارهم عليك، ليظفروا بما يجعلونه هزوا، وأنشدوا:
بمكة أهلها ولقد أراهم إليه ** مهطعين إلى السماع

{عزين}: أي فرقا شتى حلقا حلقا، قال عبيد بن الأبرص.
فجاءوا يهرعون إليه حتى ** يكونوا حول منبره عزينا

واحدهم عزة، وأصلها عزوة، لأن كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير من تعتزى إليه الأخرى، {بمسبوقين}: أي بمغلوبين، و{الأجداث}: القبور، واحدها جدث، والسّراع: واحدهم سريع، والنصب (بضمتين) كل شيء منصوب كالعلم والراية وكذا ما ينصب للعبادة، وهو المراد هنا، و{يوفضون}: أي يسرعون، {خاشعة أبصارهم} أي ذليلة، {ترهقهم}: أي تغشاهم. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة المعارج:
{سأل سآئِلٌ بِعذابٍ واقِعٍ}
قوله: {سأل سآئِلٌ...}.
دعا داعٍ بعذاب واقع، وهو: النضر بن الحارث بن كلدة، قال: اللهم إن كان ما يقول محمد هو الحق من عندك فأمطرْ علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم، فأُسر يوم بدر، فقتل صبرا هو وعقبة.
وقوله: {بِعذابٍ واقِعٍ...}.
يريد: للكافرين، والواقع من نعت العذاب. واللام التي في الكافرين دخلت للعذاب لا للواقع.
{مِّن اللّهِ ذِي الْمعارِجِ}
وقوله: {ذِي الْمعارِجِ...}.
من صفة الله عز وجل؛ لأن الملائكة تعرُج إلى الله عز وجل، فوصف نفسه بذلك.
{تعْرُجُ الْملائِكةُ والرُّوحُ إِليْهِ فِي يوْمٍ كان مِقْدارُهُ خمْسِين ألْف سنةٍ}
وقوله: {فِي يوْمٍ كان مِقْدارُهُ خمْسِين ألْف سنةٍ...}.
يقول: لو صعد غير الملائكة لصعدوا في قدر خسمين ألف سنة، وأما (يعرج)، فالقراء مجتمعون على التاء، وذكر بعض المشيخه عن زهير عن أبى إسحق الهمدانى قال: قرأ عبد الله {يعرج} بالياء وقال الأعمش: ما سمعت أحدا يقرؤها إلا بالتاء. وكلٌّ صواب.
{إِنّهُمْ يروْنهُ بعِيدا}
وقوله: {إِنّهُمْ يروْنهُ بعِيدا...}.
يريد: البعث، ونراه نحن قريبا؛ لأن كلّ ما هو آت: قريب.
{ولا يسْألُ حمِيمٌ حمِيما}
وقوله: {ولا يسْألُ حمِيمٌ حمِيما...}.
لا يسْأل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم يُعرّفُونهم بالبناء للمجهول ساعة، ثم لا تعارف بعد تلك الساعة، وقد قرأ بعضهم: {ولا يُسْألُ حميمٌ حمِيما} لا يقال لحميم: أين حميمك؟ ولست أشتهى ذلك؛ لأنه مخالف للتفسير، ولأن القراء مجتمعون على {يسأل}.
{وفصِيلتِهِ الّتِي تُؤْوِيهِ}
وقوله: {وفصِيلتِهِ...} هي أصغر آبائه الذي إليه ينتمى.
{ومن فِي الأرْضِ جمِيعا ثُمّ يُنجِيهِ كلاّ إِنّها لظى}
وقوله: {ثُمّ يُنجِيهِ...} أي: ينجيه الافتداء من عذاب الله.
قال الله عز وجل: {كلاّ} أي: لا ينجيه ذلك، ثم ابتدأ، فقال: {إِنّها لظى...} ولظى: اسم من أسماء جهنم؛ فلذلك لم يُجِرْه.
{نزّاعة لِّلشّوى}
وقوله: {نزّاعةٌ لِّلشّوى...}.
مرفوع على قولك: إنها لظى، إنها نزاعة للشوى، وإن شئت جعلت الهاء عمادا، فرفعت لظى بنزاعة، ونزّاعة بلظى؛ كما تقول في الكلام: إِنّه جاريتُك فارهة، وإنها جاريتُك فارهة. والهاء في الوجهين عماد. والشّوى: اليدان، والرجلان، وجلدة الرأس يقال لها: شواة، وما كان غير مقتل فهو شوى.
{تدْعُواْ منْ أدْبر وتولّى}
وقوله: {تدْعُو منْ أدْبر وتولّى...}.
تقول للكافر: يا كافر إلىّ، يا منافق إلىّ، فتدعو كل واحد باسمه.
{وجمع فأوْعى}
وقوله: {وجمع فأوْعى...}.
يقول: جمع فأوعى، جعله في وعاء، فلم يؤد منه زكاة، ولم يصل رحما.
{إِنّ الإِنسان خُلِق هلُوعا إِذا مسّهُ الشّرُّ جزُوعا وإِذا مسّهُ الْخيْرُ منُوعا إِلاّ الْمُصلِّين}
وقوله: {إِنّ الإِنسان خُلِق هلُوعا...}.
والهلوع: الضجور وصفته كما قال الله: {إِذا مسّهُ الشّرُّ جزُوعا...} {وإِذا مسّهُ الْخيْرُ منُوعا...} فهذه صفة الهلوع، ويقال منه: هلِع يهلع هلعا مثل: جزِع يجزع جزعا، ثم قال: {إِلاّ الْمُصلِّين...} فاستثنى المصلين من الإنسان، لأن الإنسان في مذهب جمع، كما قال الله جل وعز: {إِنّ الإِنْسان لفِى خُسْرٍ إِلاّ الّذِين آمنُوا}.
{والّذِين فِي أمْوالِهِمْ حقٌّ مّعْلُومٌ} وقوله: {حقٌّ معْلُومٌ...}.
الزكاة؛ وقال بعضهم: لا، بل سوى الزكاة.
{والّذِين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون إِلاّ على أزْواجِهِمْ أوْ ما ملكتْ أيْمانُهُمْ فإِنّهُمْ غيْرُ ملُومِين}
وقوله: {إِلاّ على أزْواجِهِمْ...}.
يقول القائل: هل يجوز في الكلام أن تقول: مررت بالقوم إِلاّ بزيد، تريد: إلاّ أنى لم أمرر بزيد؟ قلت: لا يجوز هذا، والذى في كتاب الله صواب جيد؛ لأن أول الكلام فيه كالنهى إذ ذُكِر: {والّذِين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون...} يقول: فلا يلامون إلاّ على غير أزواجهم، فجرى الكلام على ملومين التي في آخره. ومثله أن تقول للرجل: اصنع ما شئت إلا على قتل النفس، فإنك معذب، أو في قتل النفس، فمعناه إلا أنك معذب في قتل النفس.
{عنِ الْيمِينِ وعنِ الشِّمالِ عِزِين أيطْمعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أن يُدْخل جنّة نعِيمٍ}
وقوله: {وعنِ الشِّمالِ عِزِين...}.
والعزون: الحلق، الجماعات كانوا يجتمعون حول النبي صلى الله عليه فيقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة- كما يقول محمد صلى الله عليه- لندخلنها قبلهم، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، فأنزل الله: {أيطْمعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أن يُدْخل جنّة نعِيمٍ...}.
قرأ الناس: {أن يُدخل} لا يسمّى فاعُله.
وقرأ الحسن: {أن يدخُل}، جعل له الفعل، ثم بيّن الله عز وجل فقال: ولم يحتقرونهم، وقد خلقْناهم جميعا {مما يعلمون} من تراب.
{يوْم يخْرُجُون مِن الأجْداثِ سِراعا كأنّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُون}
وقوله: {إِلى نُصُبٍ يُوفِضُون...}. الإيفاض: الإِسراع. وقال الشاعر:
لأنْعتنْ نعامة ميفاضا ** خرْجاء ظلت تطلبُ الإضاضا

قال: الخرجاء في اللون، فإذا رُقِّع القميص الأبيض برقعةٍ حمراء فهو أخرج، تطلب الإضاضا: أي تطلب موضعا تدخل فيه، وتلجأ إليه. قرأ الأعمش وعاصم: {إلى نصْبٍ} إلى شيء منصوب يستبقون إِليه، وقرأ زيد بن ثابت: {إلى نُصُب يوفضون} فكأنّ النُّصب الآلهة التي كانت تعبد من دون الله، وكلٌّ صواب، وهو واحد، والجمع: أنصاب. اهـ.